في أعالي جبال الحجر، وتحديدًا في ولاية الجبل الأخضر، تتناغم الطبيعة مع التراث، ويصبح الهواء مشبعًا بعبير الورد، إيذانًا ببداية موسمٍ استثنائي ينتظره الجميع كل عام. إنه موسم الورد، حيث تتزين المدرجات الزراعية بألوان وردية، وتنبض الأرض بالحياة، وتتحول تفاصيل الحياة اليومية إلى طقسٍ عطري متوارث.
موسم الورد.. لوحة من الجمال والعطر
يبدأ موسم قطاف الورد عادةً في شهر أبريل، ويستمر لحوالي 20 يومًا، حيث تُقطف الورود في ساعات الصباح الباكر للحفاظ على نقاء رائحتها. الأنواع المزروعة تشمل الورد العماني، الورد الجوري، والورد البلغاري، وكلها معروفة بعطرها الفواح وجودتها العالية في التقطير.
لكن رحلة الورد لا تبدأ مع التفتح فقط. في سبتمبر من كل عام، يبدأ المزارعون بما يُعرف محليًا بـ"تعطيش الورد" عبر قطع الماء عن الشجيرات لمدة شهرين، مما يساعد على تقوية النبات وتحفيزه على الإزهار. ثم تُعاد العناية بالأرض وسقايتها تدريجيًا، لتزهر مجددًا في نهاية مارس، استعدادًا لموسم القطاف في أبريل.
تقاليد تقطير متجذّرة في الجبل
بعد القطاف، تُنقل الورود إلى المعاصر التقليدية، حيث تُستخلص منها ماء الورد وزيته باستخدام أجهزة تقطير تعتمد على البخار. في بعض المزارع الحديثة، مثل مزرعة عبد الرحمن الصقري، تُستخدم أجهزة متطورة تسع حتى 200 كجم من الورد في كل مرة، وتنتج ما يقارب 60 لترًا من ماء الورد، بالإضافة إلى استخلاص دهن الورد النقي.
ولا تزال هذه الصناعة تمثل مصدر دخل مهم للأهالي، حيث تُعرض المنتجات العطرية في الأكشاك على الطرقات، إلى جانب خيرات الجبل مثل الرمان والتين وزيت الزيتون. كما يلقى ورد الجبل الأخضر اهتمامًا من المصانع المحلية والعالمية المتخصصة في صناعة العطور.
ديجان .. عطر يستنشق من عبير الجبل
من رحم هذه التقاليد العريقة وعبير الورد العماني، وُلِد عطر ديجان. عطرٌ فاخر استوحى روحه من مشاهد الورد المقطوف يدويًا، ومن دفء البخار المتصاعد في معاصر التقطير.
ديجان لا يحمل فقط رائحة الورد، بل يحمل قصة الجبل الأخضر، وتفاصيل أيام القطاف، وسكون الصباحات العطرة. هو عطر يحاكي تراثًا حيًا، يربط بين الماضي العماني الأصيل، والحاضر المترف، ليقدّم تجربة حسية متكاملة تعبّر عن هوية مكان وتاريخ عريق.
هو أكثر من مجرد عطر... إنه رسالة من الجبل الأخضر إلى العالم، تختصر جمال عمان في زجاجة أنيقة.